عهد داود وسليمان عليهما السلام
جعلنا عهد طالوت (شاول) جزءً من عهد داود وسليمان عليهما السلام ، لأنه كان ملكاً على خط الأنبياء عليهم السلام ولم يكن نبياً . ويذكر المؤرخون أنه حكم خمس عشرة سنة 1025 إلى1010 قبل الميلاد ، وحكم بعده داود وسليمان عليهما السلام من 1010 ق. م. إلى 931 ق. م. سنة وفاة سليمان .
ويلاحظ أن مؤلفي التوراة الموجودة قد أكثروا من ظلمهم وافترائهم على أنبياء الله موسى وداود وسليمان عليهم السلام ، ورموهم بعظائم التهم الأخلاقية والسياسية والعقائدية ! وقد تبعهم في ذلك وزاد عليهم أكثر المؤرخين النصارى الغربيين، ثم تبعهم على ذلك المسلمون أصحاب الثقافة الغربية. صلوات الله على أنبيائه جميعاً ، ونبرأ إلى الله ممن اتهمهم بسوء .
لقد أنقذ داود عليه السلام بني إسرائيل من الوثنية التي تورطوا فيها ، ومن تسلط الوثنيين ، ومد نفوذ دولته الإلهية إلى المناطق المجاورة ، وعامل الشعوب التي دخلت تحت حكمه بالحسنى ، كما وصف الله تعالى في كتابه وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله .
وأراد داود أن يبني مسجداً في مكان عبادة جده إبراهيم عليهما السلام في القدس على جبل(المَرِيَّا)وكان المكان بيدراً للحبوب لأحد سكان القدس من اليبوسيين اسمه أرونا ، فاشتراه منه بخمسين شاقلاً فضة كما تذكر التوراة الموجودة (سفر صموئيل الثاني: إصحاح 24: 24 ، وسفر الأخبار الأول: إصحاح 21: 22 ، 28 ) وبنى فيه مسجداً أقام فيه الصلاة ، وفي جانب منه كانت تذبح الأضاحي لله تعالى . وورث سليمان ملك أبيه عليهما السلام وبلغ مكة ما ذكره الله تعالى في قرآنه وسنة رسوله صلى الله عليه وآله ، وبنى مسجد أبيه داود وإبراهيم ، بناء جديداً فخماً عرف باسم هيكل سليمان .
إن فترة حكم سليمان عليه السلام هي فترة استثنائية في تاريخ الأنبياء عليهم السلام جسَّد الله تعالى فيها للعالم نموذجاً للإمكانات الهائلة المتنوعة التي يمكن أن يسخرها لحياتهم إذا هم أقاموا كيانهم السياسي بقيادة الأنبياء وأوصيائهم عليهم السلام ، ولم يستغلوها في البغي على بعضهم: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَايَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾. (سورة الشورى:27) .
وتوفي سليمان عليه السلام وهو جالس على كرسيه كما وصف القرآن ، ويحدد المؤرخون ذلك بسنة 931 ق. م. وبمجرد وفاته وقع الإنحراف في بني إسرائيل والإنقسام في الدولة ، وسلط الله عليهم من يسومهم سوء العذاب .
تقول التوراة الموجودة في سفر الملوك الأول: إصحاح11: 1-13 ، بعد أن تفتري على سليمان عليه السلام بأنه ترك عبادة الله تعالى وعبد الأصنام: (وقال لسليمان: من أجل أن ذلك عندك ، ولم تحفظ عهدي وفرائضي التي أوصيتك بها ، فإني أمزق المملكة عنك تمزيقاً ) .